العديد من قصص الحب الرائعة نشأت في بيوت المسلمين الصالحين ،و حتى الآن فإنها لم تنتهي ، ولم يسدل الستار على فصلها الأخير رغم أنها بدأت منذ أكثر من ألف وأربعمائة سنة، لها بداية ، بلا نهاية بدأت في الأرض وتستمر حتى في جنات الخلد إن شاء الله ، و من أكثرها جمالا قصة أبي الدرداء وأم الدرداء رضي الله عنهما.
عاشت ام الدرداء مع زوجها الصحابي الجليل رضي الله عنه حياة سعيدة أحبت حياة العالم العابد الزاهد المجاهد، كان زاهدا في حالات العسر واليسر ، حتى أنها سألته يوما أن يأتي لها بخادم، ولكنه كره لها ذلك، ليس بخلا عليها ، ولكن حبا فيها ، أملا في درجات عالية في الجنة .
فما كان ردة فعلها ؟ هل غضبت وثارت وقالت له : لم أر معك يوما هنيئا منذا أن تزوجتك؟ لا . بل امتثلت وهي راضية سعيدة. وبلغ حبها له درجات عالية ، فلم تكتف بحياتها معه في الدنيا، بل تمنت أن تستمر معه في الآخرة .. في الجنة .
توجهت الى الله بالدعاء ، أن يحقق لها هذه الامنية ، قالت : اللهم إن أبا الدرداء خطبني فتزوجني في الدنيا، اللهم فاني اخطبه إليك فأسألك ان تزوجنيه - أي تزوجني إياه- في الجنة ، كانت هذه رغبة أبي الدرداء أيضا .نصحها بما ينبغي أن تفعله ، أملا في تحقيق أمنيتها فقال لها : فإن أردت ذلك ، وكنت أنا الأول ، أي وإن سبقتك في الرحيل عن الدنيا فلاتزوجي بعدي.
كانت ام الدرداء صادقة فيما تقول . ورغم أنها كانت ذات حسن وجمال ، إلا أنها عقدت العزم, على ألا تتزوج بعده . أملا في أن يكرمها الله بلقائه في الجنة ، لذا أرادت أن تعرف : من أي تنفق؟ سألته قائلة إن احتجت بعدك. أآكل الصدقة؟ فقال لها : لا . اعملي وكلي. قالت فإن ضعفت عن العمل؟ قال لها التقطي السنبل ولاتأكلي الصدقة.
رحل أبو الدرداء رضي الله عنه عن الدنيا قبلها كان ذلك في دمشق ، في زمن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه. وبقيت ام الدرداء وحدها ولآنها كانت ذات حسن وجمال تقدم لها من يخطبها ، كانت عرضا مغريا. قد تضعف امامه بعض النساء ، أملا في الجاه والثراء. فقد خطبها معاوية بن أبي سفيان الذي كان في ذلك الوقت واليا على الشام.
هل تتراجع ام الدرداء أمام ذلك الإغراء ؟ لا .. فحينما خطبها معاوية بن أبي سفيان ، قالت : لا والله , لا أتزوج زوجا في الدنيا حتى اتزوج أبي الدرداء رضي الله عنه في الجنة .
هذا هو الحب الحقيقي في بيوت المسلمين الطاهرين، حب بدأ بحب الله و رسوله الكريم صلى الله عليه و سلم.. حب في الله و لله ..