*ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﻫُﻢ
ﻣَﻦ ﺳﻌﺪ ﺑﺎﻟﺼﻴﺎﻡ ﻓﺄﺳﻌﺪﻩ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺁﻧﺴَﻪ ﻭﺯﻛّﺎﻩ ﻭﻫﺪﺍﻩ ، ﻛﺎﻥ ﺻﻴﺎﻣﻬﻢ ﻋﻮﻧﺎً ﻟﻬﻢ ﻋﻠﻰ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ،
ﻓﺄﻛﺴﺒﻬﻢ ﺗﻘﻮﺍﻩ ﻭﻣﺤﺒﺘﻪ ﻭﻭﻻﻳﺘﻪ ، ﺣﻔِﻈﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﻲ ﺻﻮﻣﻬﻢ ، ﻓﺤﻔﻈﻬﻢ ﺍﻟﻠﻪ
ـ ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ ـ ﻭﺭﻋﺎﻩ ﻭﺃﺳﺒﻎَ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧِﻌَﻤﻪ .
ﻛﺎﻥ ﺻﻴﺎﻣﻬﻢ ﻣﺤﺾ ﺳﻌﺎﺩﺗﻬﻢ ﻭﻧﻮﺭﻫﻢ ﻭﻫﺪﺍﻳﺘﻬﻢ ، ﺷﺮﻓﻮﺍ ﺑﻪ ﻏﺎﻳﺔ ﺍﻟﺸﺮﻑ ﻭﺑﻠﻐﻮﺍ ﺑﻪ ﺳﻤﺎﺀ ﺍﻟﻌﺰ ﻭﺍﻟﻤﺠﺪ ،
ﺇﺫ ﺇﻥ ﻃﺎﻋﺔ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰّ ﻟﻠﻌﺒﺪ ﻭﻛﺮﺍﻣﺔ ، ﻭﻣﻌﺼﻴﺘﻪ ﻭﺫﻝُّ ﻟﻪ ﻭﻣﻬﺎﻧﺔ ، ﻃَﻔﺢَ ﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺑﻤﻘﺪﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ
،
ﻭﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﺗﻐﻤﺮ ﻣﺤﻴّﺎﻫﻢ ﻭﻛﻼﻣﻬﻢ ﻭﻓﻌﺎﻟﻬﻢ .
ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﻋﺮﻓﻮﺍ ﻗﺪﺭ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻓﺠﻌﻠﻮﻩ ﺧﺼﺒﺎً ﺑﻔﻌﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﺎﺕ ، ﺭﻳّﺎﻥَ ﺑﻘﺮﺍﺀﺓ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﻭﺍﻟﺼﺪﻗﺎﺕ ،
ﺃﺩﺭﻙ ﺍﻟﺴُّﻌَﺪﺍﺀ ﺃﻥ ﺍﻟﺼﻮﻡ ﻋﺒﻮﺩﻳﺔ ﻟﻠﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﻘﻬﺎﺭ ، ﻓﻴﻬﺎ ﺍﻟﻄﺎﻋﺔ ﻭﺍﻻﻣﺘﺜﺎﻝ ﻭﺍﻟﻀﺮﺍﻋﺔ ﻭﺍﻻﺑﺘﻬﺎﻝ ﻭﺍﻟﺼﺒﺮ ﻭﻣﺤﺎﺳﻦ ﺍﻟﺨﻼﻝ .
ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﺇﺫﺍ ﺃﺩﺭﻛَﻬﻢ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺍﺯﺩﺍﺩﻭﺍ ﻫِﻤّﺔً ﻭﻧﺸﺎﻃﺎً ﻭﻗﻮﺓً ﻭﻓﻼﺣﺎً ﻭﻧﻮﺭﺍً ﻭﺻﻼﺣﺎً ،
ﻋﺮﻓﻮﺍ ﺃﻥ ﺻﻴﺎﻣﻬﻢ ﺇﻣّﺎ ﻟﻬﻢ ﻭﺇﻣّﺎ ﻋﻠﻴﻬﻢ ، ﻓﺴﺎﺳﻮﻩ ﺑﻤﻴﺰﺍﻥ ﺍﻟﺘﻘﻮﻯ ، ﻭﺻﺎﻧﻮﻩ ﻣﻦ ﺑﺮﺍﺛﻦ ﺍﻟﻬﻮﻯ ، ﻭﺛﺒّﺘﻮﻩ ﺑﺄﻧﻮﺍﺭ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﻬﺪﻯ .
ﺍﻟﺴُّﻌَﺪﺍﺀ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺻﺎﺋﻤﻮﻥ ﺫﺍﻛﺮﻭﻥ ، ﻗﺎﺋﻤﻮﻥ ﻗﺎﻧﺘﻮﻥ ، ﺩﺍﻋﻮﻥ ﻭﻣﺠﺎﻫﺪﻭﻥ ﻭﻋﻠﻰ ﺭﺑﻬﻢ ﻳﺘﻮﻛﻠﻮﻥ ،
ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﻋﻴﺪ ﻭﺳﺮﻭﺭ ، ﻭﺟﻨﺔ ﻭﺣﺒﻮﺭ ، ﻭﺫﻛﺮ ﻭﻧﻮﺭ ، ﻳﻮﺩّﻭﻥ ﻟﻮ ﻃﺎﻟﺖ ﺃﻳﺎﻣﻪ ﻭﺑﻌﺪﺕ ﻟﻴﺎﻟﻴﻪ ،
ﻭﺍﺳﺘﺪﺍﻣﺖ ﻧﻌﻤﺘﻪ ﻭﻓﺮﺣﺘﻪ ﻭﺑﻬﺠﺘﻪ .
ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻋﻨﺪﻫﻢ ﺫﻛﺮٌ ﻭﺻﻼﺓ ﻭﺗﻼﻭﺓ ﻭﻣﻨﺎﺟﺎﺓ ،
ﻭﺟﻬﺎﺩ ﻭﻣﻮﺍﺳﺎﺓ، ﺗﺬﻛّﺮﻭﺍ ﻧِﻌَﻢ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻭﻣﺎ ﺃﺗﻢ ﺑﻪ ﻭﺃﻛﺮﻡ ، ﻓﺴﻌﻮﺍ ﻓﻲ ﻧﻔﻊ ﻏﻴﺮﻫﻢ ﺑﺎﻟﺪﻋﻮﺓ ﻭﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﻜﺴﺎﺀ .
﴿ ﻭَﺍﻟَّﺬِﻳﻦَ ﺍﻫْﺘَﺪَﻭْﺍ ﺯَﺍﺩَﻫُﻢْ ﻫُﺪًﻯ ﻭَﺁﺗَﺎﻫُﻢْ ﺗَﻘْﻮَﺍﻫُﻤْ﴾ [ﻣﺤﻤﺪ : 17] .
ﺇﺫﺍ ﺍﻧﺼﺮَﻣَﺖ ﺃﻳﺎﻡ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﻜﻲ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ
ﻭﺗﺄﺳَﻔﻮﺍ ﻟﻔﻘﺪﺍﻥ ﺣﺒﻴﺒﻬﻢ ﻭﺭﻭﺣﻬﻢ ﻭﺭﺍﺣﺘﻬﻢ
ﻭﻣﺎ ﻣﺮّ ﻳﻮﻡٌ ﺃﺭﺗﺠﻰ ﻓﻴﻪ ﺭﺍﺣﺔً
ﻓﺄﺫﻛُﺮُﻩ ﺇﻻ ﺑﻜﻴﺖ ﻋﻠﻲ ﺃﻣﺲِ
ﻳﺒﻜﻮﻥ ﻟﻔﺮﺍﻗﻪ ﻭﻳﺤﻨﻮﻥ ﻻﻧﻘﻀﺎﺋﻪ.
ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ :
ﻫﻨﻴﺌﺎً ﻟﻜﻢ ﺣُﺴﻦ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺣُﺴﻦ ﺍﻟﻌﺒﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﻘﻴﺎﻡ ، ﻇﻔﺮﺗُﻢ ﻟﻌﻤﺮﻱ ﺑﺎﻟﺴﻌﺎﺩﺓ ﻭﺍﻟﺴﺮﻭﺭ ﻭﺣُﺰﺗُﻢ ﺍﻟﺒﺮﻛﺔ ﻭﺍﻷﺟﻮﺭ ،
ﻓﻴﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻓﺮﺣﺔ ﺗﻐﻤﺮ ﺍﻟﻨﻔﺲ ﻭﺗﺸﺮﺡ ﺍﻟﻔﺆﺍﺩ ﻭﺗﻮﺭﺙ ﺍﻟﻨﻮﺭَ ﻭﺍﻟﻀﻴﺎﺀ.
﴿ ﻣَﻦْ ﻋَﻤِﻞَ ﺻَﺎﻟِﺤﺎً ﻣِّﻦ ﺫَﻛَﺮٍ ﺃَﻭْ ﺃُﻧﺜَﻰ ﻭَﻫُﻮَ ﻣُﺆْﻣِﻦٌ ﻓَﻠَﻨُﺤْﻴِﻴَﻨَّﻪُ ﺣَﻴَﺎﺓً ﻃَﻴِّﺒَﺔً ﻭَﻟَﻨَﺠْﺰِﻳَﻨَّﻬُﻢْ ﺃَﺟْﺮَﻫُﻢ ﺑِﺄَﺣْﺴَﻦِ ﻣَﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻌْﻤَﻠُﻮﻥَ ﴾
[ﺍﻟﻨﺤﻞ : 97] .
ﺃﻣﺎ ﺍﻷﺷﻘﻴﺎﺀ
ﻓﻬﻢ ﻣﻦ ﺷﻘﻲ ﺑﺎﻟﺼﻴﺎﻡ ، ﻭﺃﺷﻘﺎﻩ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻭﺃﺿﻨﺎﻩ ﻭﺃﺗﻌﺒَﻪ ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﺇﺻﺮﺍً ﻭﺑﻼﺀً ﻭﻣﺸﻘﺔً ﻭﺿﻨﻜﺎً ،
ﺇﻥ ﺻﺎﻣﻮﺍ ﻓﻠﻴﺲ ﻟﻬﻢ ﻣﻦ ﺻﻴﺎﻣﻬﻢ ﺇﻻ ﺍﻟﺠﻮﻉ ﻭﺍﻟﻌﻄﺶ ، ﻻ ﻳﺬﻭﻗﻮﻥ ﻓﻴﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻬﻢ ﻭﺍﻟﻀﻴﻖ ﻭﺍﻟﻤﺮﺍﺭﺓ ﻭﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ .
ﻛﺎﻥ ﺻﻴﺎﻣﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻋﻤﻰً ﻭﺭﺩَﻯَ ﻻ ﻳﺠﺎﻭﺯ ﺣﺎﻟﻬﻢ ﻭﻻ ﻳﻐﻴﺮ ﺻﻔﺎﺗﻬﻢ ﻭﺃﺣﻮﺍﻟﻬﻢ ،
ﺇﺫ ﺇﻧﻬﻢ ﺇﻥ ﺻﺎﻣﻮﺍ ﺻﺎﻣﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﻛﺮﻩٍ ﻭﻣﻀَﺾٍ ﻭﺿﻴﻖ ﻭﻧﻜﺪ ، ﺗﻌﻘﺒﻬﻢ ﻛﺂﺑﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻈﺮ ﻭﺳﻮﺀ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻨﻘﻠﺐ ،
ﻧﻬﺎﺭﻫﻢ ﻗﺪ ﺛﻘﻞ ﺑﺎﻟﻨﻮﻡ ﻭﺍﻟﻜﺴﻞ ، ﻭﻟﻴﻠﻬﻢ ﺃﻇﻠﻢ ﻭﻫﺎﻟﻚ ﺑﺎﻟﻠﻌﺐ ﻭﺍﻟﻠﻬﻮ ﻭﺍﻟﺴﻔَﻪ ،
ﻭﻣﻦ ﺍﻷﺷﻘﻴﺎﺀ ﻣَﻦ ﻻ ﻳﺼﻮﻡ ﺑﺘﺎﺗﺎً ﻓﻬﺆﻻﺀ ﻗﺪ ﺧﺴﺮﻭﺍ ﺧُﺴﺮﺍﻧﺎً ﻣﺒﻴﻨﺎً ، ﻭﻗﺪ ﺿﻠّﻮﺍ ﺿﻼﻻً ﺑﻌﻴﺪﺍً .
﴿ ﻭَﻟَﻮْ ﺃَﺭَﺍﺩُﻭﺍ ﺍﻟﺨُﺮُﻭﺝَ ﻷَﻋَﺪُّﻭﺍ ﻟَﻪُ ﻋُﺪَّﺓً ﻭَﻟَﻜِﻦ ﻛَﺮِﻩَ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﺍﻧﺒِﻌَﺎﺛَﻬُﻢْ ﻓَﺜَﺒَّﻄَﻬُﻢْ ﻭَﻗِﻴﻞَ ﺍﻗْﻌُﺪُﻭﺍ ﻣَﻊَ ﺍﻟﻘَﺎﻋِﺪِﻳﻦَ ﴾ [ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 46] .
ﺍﻷﺷﻘﻴﺎﺀ ﻻ ﻳﺮﺍﻋﻮﻥ ﺟﻼﻟﺔ ﺍﻟﺸﻬﺮ ﻭﻫﻴﺒﺘﻪ ، ﻓﺘﺮﺍﻫﻢ ﺳﺮﻋﻰ ﻫﻤﻼً ﻭﺭﺍﺀ ﺣﺴﺮﺗﻬﻢ ﻭﻧﺪﺍﻣﺘﻬﻢ ، ﻳﻄﻠﺒﻮﻥ ﻏﻴّﻬﻢ ﻭﻓﺴﻘﻬﻢ ﻭﺧﻨﺎﻫﻢ
ﺃﻟﻢ ﻳﻌﻠﻤﻮﺍ ﺑﺄﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﺮﻯ ، ﻣُﺤﻴﻂ ﺑﻬﻢ ﻻ ﺗﺨﻔﻰ ﻋﻠﻴﻪ ﺧﺎﻓﻴﺔ ، ﻭﺳﻴﺄﺗﻲ ﺑﻬﻢ ﻋﺒﺪﺍً ﻋﺒﺪﺍً ﺇﺫ ﺃﺣﺼﺎﻫﻢ ﻭﻋّﺪﻫُﻢ ﻋﺪﺍً ،
ﻭﻛﻠُّﻬﻢ ﺁﺗﻴﺔ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻓﺮﺩﺍً .
ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ! ﺃﻟﻢ ﻳﺄﺗﻬﻢ ﺃﻧﺒﺎﺀ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﺑﻴّﻨﺎﺗﻪ ؟! ﺃﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻬﻢ
ﺁﻳﺔً ﺃﻧﻮﺍﺭ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻭﺩﻻﺋﻠﻪ ؟! ﺃﻟﻢ ﻳﺮﻭﺍ ﻓﺮﺣﺔ ﺍﻷﻣّﺔ ﻭﺍﻏﺘﺒﺎﻃﻬﺎ
ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺸﻬﺮ؟! ﻋﺠﺒﺎً !! .
﴿ ﻛَﻼَّ ﺑَﻞْ ﺭَﺍﻥَ ﻋَﻠَﻰ ﻗُﻠُﻮﺑِﻬِﻢ ﻣَّﺎ ﻛَﺎﻧُﻮﺍ ﻳَﻜْﺴِﺒُﻮﻥَ ﴾ [ﺍﻟﻤﻄﻔﻔﻴﻦ : 14] .
ﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﻘﺒﺔٍ ﻣﻦ ﺍﻟﺪّﻫﺮ ، ﻧﺸﻜﻮ ﻓﺌﺎﻣﺎً ﻻ ﻳﻌﺮﻓﻮﻥ ﺍﻟﻠﻪَ ﺇﻻ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ،
ﻓﻤﺎ ﺑﺎﻝ ﺟﻤﻮﻉٍ ﻏﻔﻴﺮﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺷﻘﻴﺖ ﻓﻴﺮﻣﻀﺎﻧﻮﻏﻴﺮﻩ، ﻣﺎ ﺣﻖّ ﻣَﻦ ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻟﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﺼﻴﺎﻡ ﺇﻻ ﺍﺳﻤﻪ ؟!
ﻟﻢ ﻳﺬُﻕ ﻧﻮﺭﻩ ﻭﺣﻼﻭﺗﻪ ﻭﺭﻭﺣﺎﻧﻴّﺘﻪ . ﻋﻴﺎﺫﺍً ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺫﻟﻚ .
ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻹﺧﻮﺍﻥ :
ﺍﺳﻠُﻜﻮﺍ ﺩﺭﺏ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﻫﻢ ﻣَﻦ ﻋﺮﻑ ﻗﺪﺭﺭﻣﻀﺎﻥ ، ﻓﺼﺎﻣَﻪ ﺻﻮﻡ ﺍﻟﻤﺘﻘﻴﻦ ﺍﻟﻌﺎﺑﺪﻳﻦ ﺍﻟﻘﺎﻧﺘﻴﻦ ،
ﺻﺎﻣﻮﻩ ﺑﻨﻔﻮﺱ ﺻﺎﺩﻗﺔ ﻭﻗﻠﻮﺏ ﺧﺎﺷﻌﺔ ﻭﺃﻟْﺴﻨﺔ ﺫﺍﻛﺮﺓ ، ﻟﻴﺴﺖ ﺑﻬﺎﺫﻳﺔ ﻭﻻ ﻻﻏﻴﺔ ،
ﻛﺎﻥ ﺻﻮﻣﻬﻢ ﺛُﻤﺎﻝ ﻗﻠﻮﺑﻬﻢ ﻭﺣﻴﺎﺓ ﻧﻔﻮﺳﻬﻢ ﻭﺟﻼﺀ ﺃﺣﺰﺍﻧﻬﻢ ﻭﻏﻤﻮﻣﻬﻢ .
ﻳﺎ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﺼﺎﺋﻤﻮﻥ :
ﺗﺠﻨّﺒﻮﺍ ﻃﺮﻳﻖ ﺍﻷﺷﻘﻴﺎﺀ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ، ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻧﺴﻮﺍ ﺍﻟﻠﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ ﻓﺄﻧﺴﺎﻫﻢ ﺫﻛﺮﻩ ،
ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻛﺎﻥ ﺻﻮﻣﻬﻢ ﻋﻠﻴﻬﻢ ﻧﺪﺍﻣﺔ ﻭﺣﺴﺮﺓ ، ﻧﻌﻮﺫ ﺑﺎﻟﻠﻪ ﻣﻦ ﺣﺎﻟﻬﻢ ﻭﻣﺂﻟﻬﻢ .
ﻗﻮﻡٌ ﺟﺎﺀﻭﺍ ﻓﻲ ﺭﻣﻀﺎﻥ ﺑﺎﻟﺨﺎﻃﺌﺔ ، ﻭﻛﺎﻧﺖ ﺃﻳﺎﻣﻬﻢ ﻣﻦ ﺫﻛﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﺧﺎﻟﻴﺔ ،
ﺷﺮِﻗﻮﺍ ﺑﺎﻟﺼﻴﺎﻡ ﻓﺄﻭﺭﺛﻬﻢ ﺍﻟﺒﺆﺱ ﻭﺍﻟﺤﺮﻣﺎﻥ ، ﻭﺃﻧﺰﻟَﻬﻢ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺍﻟﺨﻴﺒﺔ ﻭﺍﻟﺨُﺴﺮﺍﻥ ،
ﻳﺤﺴﺒﻮﻥ ﻃﻮﻝ ﺑﻘﺎﺋﻬﻢ ﻋﺰﺍٍّ ﻟﻬﻢ ، ﻭﻏِﻨﺎﻫﻢ ﺳﺮﻭﺭﺍً ﻟﻬﻢ ، ﻭﺃﻣﻮﺍﻟﻬﻢ ﺗﻤﻜﻴﻨﺎً ﻟﻬﻢ ،
ﻛﻼّ ﻭﺍﻟﻠﻪ !! ﺑﻞ ﻛﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﺳﺘﺪﺭﺍﺝ ﻭﺑﻼﺀ ﻭﻧﻜﺒﺔ ﻭﻏﺼّﺔ ﻭﻷﻭﺍﺀ ، ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺘﻰ ﻳﻌﻠﻤﻮﻥ ؟
ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﺃَﻳَﺤْﺴَﺒُﻮﻥَ ﺃَﻧَّﻤَﺎ ﻧُﻤِﺪُّﻫُﻢْ ﺑِﻪِ ﻣِﻦْ ﻣَﺎﻝٍ ﻭَﺑَﻨِﻴﻦَ ﻧُﺴَﺎﺭِﻉُ ﻟَﻬُﻢْ ﻓِﻲ ﺍﻟْﺨَﻴْﺮَﺍﺕِ ﺑَﻞ ﻻ ﻳَﺸْﻌُﺮُﻭﻥَ ﴾ [ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﻮﻥ : 55 - 56] .
ﻗﺎﻝ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ : ﻳﻌﻨﻲ ﺃﻳﻈﻦّ ﻫﺆﻻﺀ ﺍﻟﻤﻐﺮﻭﺭﻭﻥ ، ﺃﻥ ﻣﺎ ﻧﻌﻄﻴﻬﻢ ﻣﻦ ﺍﻷﻣﻮﺍﻝ ﻭﺍﻷﻭﻻﺩ ،
ﻟﻜﺮﺍﻣﺘﻬﻢ ﻋﻠﻴﻨﺎ ﻭﻣﻌﺰّﺗﻬﻢ ﻋﻨﺪﻧﺎ ، ﻛﻼ ﻟﻴﺲ ﺍﻷﻣﺮ ﻛﺬﻟﻚ ﻛﻤﺎ ﻳﺰﻋﻤﻮﻥ ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻬﻢ
﴿ ﻧَﺤْﻦُ ﺃَﻛْﺜَﺮُ ﺃَﻣْﻮَﺍﻻً ﻭَﺃَﻭْﻻﺩًﺍ ﻭَﻣَﺎ ﻧَﺤْﻦُ ﺑِﻤُﻌَﺬَّﺑِﻴﻦَ ﴾ [ﺳﺒﺄ : 35] ،
ﻟﻘﺪ ﺃﺧﻄﺄﻭﺍ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﻭﺧﺎﺏ ﺭﺟﺎﺅﻫﻢ ، ﺑﻞ ﺇﻧﻤﺎ ﻧﻔﻌﻞ ﺑﻬﻢ ﺫﻟﻚ ﺍﺳﺘﺪﺭﺍﺟﺎً ﻭﺇﻧﻈﺎﺭﺍً ﻭﺇﻣﻼﺀً ،
ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻗﺎﻝ :
﴿ ﺑَﻞ ﻻ ﻳَﺸْﻌُﺮُﻭﻥَ ﴾
ﻛﻤﺎ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ :﴿ ﻓَﻼَ ﺗُﻌْﺠِﺒْﻚَ ﺃَﻣْﻮَﺍﻟُﻬُﻢْ ﻭَﻻَ ﺃَﻭْﻻﺩُﻫُﻢْ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻳُﺮِﻳﺪُ ﺍﻟﻠَّﻪُ ﻟِﻴُﻌَﺬِّﺑَﻬُﻢ ﺑِﻬَﺎ ﻓِﻲ ﺍﻟﺤَﻴَﺎﺓِ ﺍﻟﺪُّﻧْﻴَﺎ ﻭَﺗَﺰْﻫَﻖَ ﺃَﻧﻔُﺴُﻬُﻢْ ﻭَﻫُﻢْ ﻛَﺎﻓِﺮُﻭﻥَ ﴾
[ﺍﻟﺘﻮﺑﺔ : 55] ،
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﴿ ﺇِﻧَّﻤَﺎ ﻧُﻤْﻠِﻲ ﻟَﻬُﻢْ ﻟِﻴَﺰْﺩَﺍﺩُﻭﺍ ﺇِﺛْﻤﺎً﴾ [ﺁﻝ ﻋﻤﺮﺍﻥ : 178] ،
ﻭﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ :﴿ ﻓَﺬَﺭْﻧِﻲ ﻭَﻣَﻦ ﻳُﻜَﺬِّﺏُ ﺑِﻬَﺬَﺍ ﺍﻟﺤَﺪِﻳﺚِ ﺳَﻨَﺴْﺘَﺪْﺭِﺟُﻬُﻢ ﻣِّﻦْ ﺣَﻴْﺚُ ﻻَ ﻳَﻌْﻠَﻤُﻮﻥَ ﴾ [ﺍﻟﻘﻠﻢ : 44]
(ﺗﻔﺴﻴﺮ ﺍﺑﻦ ﻛﺜﻴﺮ (3/257)
ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻹﺧﻮﺓ :
ﺃﻟﻢ ﻳﺄﻥ ﻟﻬﺆﻻﺀ ﺃﻥ ﻳﻌﻮﺩﻭﺍ ﺇﻟﻰ ﺭﺑّﻬﻢ ﻭﻳُﻨﻴﺒﻮﺍ ﺇﻟﻴﻪ ، ﻭﻳﻨﻘﺎﺩﻭﺍ ﻟِﺤُﻜﻤﻪ ﻭﻳﺨﺸﻌﻮﺍ ﻟﺬﻛﺮﻩ ﻭﺁﻳﺎﺗﻪ .
ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﺍﻟﻘﻴﺎﻣﺔ ﻳﻔﺮﺡ ﺍﻟﺴﻌﺪﺍﺀ ﺍﻷﺧﻴﺎﺭ ، ﻭﻳﺤﺰﻥ ﺍﻷﺷﻘﻴﺎﺀ ﺍﻷﺷﺮﺍﺭ ، ﻳُﺒَﻮَّﺍُ ﺍﻟﺼﺎﻟﺤﻮﻥ ﻣﻨﺎﺯﻝ ﺫﻫﺒﺎً ،
ﻭﻳﻨﻘﻠﺐُ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻇﻠﻤﻮﺍ ﻣﻨﻘﻠَﺒﺎً ﺻﻌﺒﺎً ﺃﺭﺩﺍﻫﻢ ﺍﻟﻬﻮﻯ ﻭﻏﺮّﻫﻢ ﻃﻮﻝ ﺍﻷﻣﻞ ، ﺇﺫ ﺗﻨﻜّﺮﻭﺍ ﻟﻠﻨُّﺬُﺭ ﻭﺃﻋﺮﺿﻮﺍ ﻋﻦ ﻫﺪﺍﻳﺎﺕ ﺍﻟﺒﺸﺮ .
﴿ ﺃَﻭَ ﻟَﻢْ ﻧُﻌَﻤِّﺮْﻛُﻢ ﻣَّﺎ ﻳَﺘَﺬَﻛَّﺮُ ﻓِﻴﻪِ ﻣَﻦ ﺗَﺬَﻛَّﺮَ ﻭَﺟَﺎﺀَﻛُﻢُ ﺍﻟﻨَّﺬِﻳﺮُ ﻓَﺬُﻭﻗُﻮﺍ ﻓَﻤَﺎ ﻟِﻠﻈَّﺎﻟِﻤِﻴﻦَ ﻣِﻦ ﻧَّﺼِﻴﺮٍ﴾ [ﻓﺎﻃﺮ : 37] .
ﺃُﻧﺬِﺭﻭﺍ ﺑﺎﻟﺴّﻘﻢ ﻓﻠﻢ ﻳﻨﺰﺟﺮﻭﺍ ، ﻭﻭُﻋِﻈﻮﺍ ﺑﺎﻟﺸَّﻴﺐ ﻓﻠﻢ ﻳﺘّﻌﻈﻮﺍ ﻭﺍﺑﺘُﻠﻮﺍ ﺑﺎﻟﻜﺮﻭﺏ ﻓﻤﺎ ﺃﻗﻠﻌُﻮﺍ ﻭﺃﻧﺎﺑﻮﺍ ، ﻭﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﺎﻥ ! .
ﺗﻘﺒﻞ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ ﻃﺎﻋﺘﻜﻢ ﻭﺍﻋﻤﺎﻟﻜﻢ
"ﻣﻨﻘﻮﻝ"*